الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قد أخذ بعض الشعراء هذا الحديث فقال: ماذا تقول وليس عندك حجة * لو قد أتاك منغص اللذات ماذا تقول إذا حللت محلة * ليس الثقات من أهلها بثقات وقال آخر: اذكر الموت هاذم اللذات * وتجهز لمصرع سوف يأتي - (ابن أبي الدنيا) في ذكر الموت (عن أنس) قال الحافظ العراقي إسناده ضعيف جداً وفي الباب عن أبي سعيد عند [ص 87] العسكري وغيره قال دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي فوجد الناس يكثرون فذكره. 1402 - (أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغراء واليوم الأزهر) أي ليلة الجمعة ويومها قدم الليلة على اليوم لسبقها في الوجود ووصفها بالغراء لكثرة الملائكة فيها وهم أنوار لخصوصيتها بتجل خاص واليوم بالأزهر لأنه أفضل أيام الأسبوع هذا قصارى ما قيل في توجيهه وأقول إنما سمي أزهر لأنه يضيء لأهله لأجل أن يمشوا في ضوئه يوم القيامة يرشد إلى ذلك ما قال الحاكم عن أبي موسى مرفوعاً إن اللّه يبعث الأيام يوم القيامة على هيأتها وتبعث الجمعة زهراء منيرة لأهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضاً وريحهم يسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان لا يطرفون تعجباً حتى يدخلون الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون قال الحاكم خبر شاذ صحيح السند وأقره الذهبي (فإن حلاتكم تعرض علي) وكفى بالعبد شرفاً ونبلاً وفخراً ورقعة وقدراً أن يذكر اسمه بالخير بين يديه صلى اللّه عليه وسلم وتتمته كما في شرح مسند الشافعي للرافعي وغيره قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت أي بليت فقال: إن اللّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء أي لأن أجسادهم نور والنور لا يتغير بل ينتقل من حالة إلى حالة. - (هب عن أبي هريرة عد عن أنس) بن مالك (ص) في سننه (عن الحسن) البصري (وخالد بن معدان) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح النون الكلاعي بفتح الكاف (مرسلاً) فقيه كبير ثبت مهاب مخلص يسبح في اليوم والليلة أربعين ألف تسبيحة ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال الحاقظ العراقي وفيه عبد المنعم بن بشير ضعفه ابني معين وحبان وقال إبن حجر: متفق على ضعفه. 1403 - (أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة وإن أحداً لن يصلي عليّ إلا عرضت عليّ صلاته حين يفرغ منها) وذكر أبو طالب أن أقل الأكثرية ثلاث مئة مرة والوارد في الصلاة عليه صلى اللّه عليه وسلم ألفاظ كثيرة أشهرها اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. - (ه عن أبي الدرداء) تتمته قلت وبعد الموت قال وبعد الموت إن اللّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء قال الدميري رجاله ثقات. 1404 - (أكثروا من الصلاة علي في كل يوم جمعة فإن صلاة أمتي) والمراد أمة الإجابة (تعرض علي في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة) فإن قلت هذا العرض مقيد بكل جمعة وما سبق مطلق فكيف الجمع قلنا إما أن يحمل المطلق على المقيد إن صحت الطرق أو يقال العرض يوم الجمعة على وجه خاص وقبول خاص لأنه أفضل الأيام بالنسبة لأيام الأسبوع. - (هب) من حديث مكحول (عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الذهبي في المهذب بأن مكحولاً لم يلق أبا أمامة فهو منقطع. 1405 - (أكثروا من الصلاة عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له شهيداً) أي بأعماله التي منها الصلاة باستحقاق رفعة [ص 88] درجته وعلو منزلته (أو شافعاً) شفاعة خاصة اعتناءاً به (يوم القيامة) ووجه مناسبة الصلاة عليه يوم الجمعة وليلتها أن يوم الجمعة سيد الأيام والمصطفى سيد الأنام فللصلاة عليه فيه مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى وهي أن كل خير تناله أمة في الدارين فإنما هو بواسطته وأعظم كرامة تحصل لهم في يوم الجمعة وهي بعثهم إلى قصورهم ومنازلهم في الجنة وكما أن لهم عيد في الدنيا فكذا في الآخرة فإنه يوم المزيد الذي يتجلى لهم الحق تعالى فيه وهذا حصل لهم بواسطة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فمن شكره إكثار الصلاة عليه فيه. - (هب عن أنس) رمز المصننف لحسنه وليس كما قال فقد قال الذهبي: الأحاديث في هذا الباب عن أنس طرقها ضعيفة وفي هذا السند بخصوصه درست بن زياد وهاه أبو زرعة وغيره ويزيد الرقاشي قال النسائي وغيره متروك. 1406 - (أكثروا الصلاة عليّ فإن صلاتكم عليّ مغفرة لذنوبكم) أي هي سبب لمغفرتها وعدم المواخذة بجرائمها (واطلبوا لي الدرجة الوسيلة فإن وسيلتي عند ربي شفاعتي) وفي نسخ شفاعته فليحرر. (لكم) أي لأهل النار من عصاة المؤمنين بمنع العذاب أو منع دوامه ولأهل الجنة برفع الدرجات وإجزال المثوبات. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن الحسن ابن علي) أمير المؤمنين رضي اللّه عنهما. 1407 - (أكثروا من الصلاة على موسى) كليم اللّه وعلل ذلك بقوله (فما رأيت) أي علمت (أحداً من الأنبياء أحوط على أمتي) أي أكثر ذباً (منه) عنهم وأجلب لمصالحهم وأشفق عليهم وقد اهتم شأن هذه الأمة وأمر ليلة الإسراء لما فرض اللّه الصلاة عليهم خمسين بمراجعته المرة بعد المرة حتى صارت خمساً قال الفخر الرازي السبب في هذه الصلاة أن روح الإنسان ضعيفة لا تستعد لقبول الأنوار الإلهية فإذا استحكمت العلاقة بين روحه وأرواح الأنبياء فالأنوار الفائضة من عالم الغيب على أرواح الأنبياء تنعكس على أرواح المصلين عليهم بسبب إنعكاس مثال الشمس والطست المملوء ماء. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك. 1408 - (أكثروا في الجنازة قول لا إله إلا اللّه) أي أكثروا حال تشييعكم للموتى من قولها سراً فإن بركة كلمة الشهادة تعود على الميت والمشيعين وهذا بظاهره يعارضه ما ذكره الشافعية من أفضلية السكوت والتفكير في شأن الموت وأهوال الآخرة. - (فرعن أنس) بن مالك بسند فيه مقال. 1409 - (أكثروا من قول القرينتين) وهما (سبحان اللّه وبحمده) فإنهما يحطان الخطايا ويرفعان الدرجات كما يجىء في خبر والقرين الذي لا يفارق. - (ك في تاريخه عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لضعفه ووجهه أن فيه جماعة من رجال الشيعة كلهم متكلم فيهم. [ص 89] 1410 - (أكثروا من شهادة أن لا إله إلا اللّه) أي أكثروا النطق بها على مطابقة القلب (قبل أن يحال بينكم وبينها) بالموت فلا تسطيعون الإتيان بها وما للعمر إذا ذهب مسترجع ولا للوقت إذا ضاع مستدرك (ولقنوها موتاكم) أي لا إله إلا اللّه فقط يعني من حضره الموت فيندب تلقينه لا إله إلا اللّه ولا يلقن محمد رسول اللّه خلافاً لجمع ويلقن كلمة الشهادة مرة فقط بلا إلحاح ولا يقال له قل بل يذكرها عنده. - (ع عد) وكذا الخطيب (عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وتقدمه الحافظ العراقي مبيناً لعلته فقال فيه موسى بن وردان مختلف فيه انتهى ولعله بالنسبة لطريق ابن عدي. أما طريق أبي يعلى فقد قال الحافظ الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير ضمام بن إسماعيل وهو ثقة انتهى وبذلك يعرف أن إطلاق رمز المصنف لضعفه غير جيد. 1411 - (أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا باللّه فإنها من كنوز الجنة) أي ثوابها نفيس مدخر في الجنة كما يدخر الكنز ويحفظ في الدنيا قال الأكمل إنما طريقه التشبيه شبه أنفس ثواب مدخر في الجنة بأنفس مال مدخر تحت الأرض في أن كل واحد منهما معد للانتفاع به بأبلغ انتفاع. - (عد عن أبي هريرة) بإسناد ضعيف. 1412 - (أكثروا من تلاوة القرآن في بيوتكم) أي أماكنكم التي تسكنوها بيتاً أو غيره (فإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره ويكثر شره ويضيق على أهله) أي يضيق رزقه عليهم لأن البركة والنماء وزيادة الخير تابعة لكتاب اللّه فحيثما كان كانت وذلك بين العارفين كالمحسوس. - (خط في الأفراد عن أنس) ابن مالك (وجابر) ابن عبد اللّه، ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه أورده من حديث عبد الرحمن بن عبد اللّه ابن مسلم عن سعيد بن يزيع وضعفه فرمز لحسنه غير حسن. 1413 - (أكثروا من غرس الجنة فإنه عذب ماؤها طيب ترابها) بل هو أطيب الطيب إذ هو المسك والزعفران (فأكثروا من غراسها) وهو قول (لا حول ولا قوة) أي لا حركة ولا حيلة (إلا باللّه) أي إلا بمشيئته وأقداره وتمكينه. - (طب عن ابن عمر) ابن الخطاب قال الهيثمي وفيه عقبة بن علي وهو ضعيف. 1414 - (أكذب الناس) أي من أكثرهم كذباً (الصباغون والصواغون) صباغوا الثياب وصاغة الحلي لأنهم يمطلون بالمواعيد الكاذبة أو الذين يصبغون الكلام ويصوغونه أي يغيرونه ويزينونه بلا أصل وإرادة الحقيقة أقرب. - (حم عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي حديث لا يصح وقال في المهذب فيه فرقد السنجي وثقه ابن معين وقال أحمد ليس بقوي وقال الدارقطني وغيره ضعيف انتهى وقال السخاوي سنده مضطرب ولهذا أورده ابن الجوزي في العلل وقال [ص 90] لا يصح وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه فقد خرجه ابن ماجه من هذا الوجه. 1416 - (أكرم الناس) عند اللّه (أتقاهم) لأن أصل الكرم كثرة الخير فلما كان المتقي كثير الخير والفائدة في الدنيا وله الدرجات العليا في الآخرة كان أعم الناس كرماً فهو أتقاهم فلا عبرة بظاهر الصور - (خ عن أبي هريرة) قال قيل يا رسول اللّه من أكرم الناس قال أتقاهم وظاهر إفراد المصنف للبخاري بالعزو تفرد به عن صاحبه وهو عجيب فقد خرجه مسلم في المناقب عن أبي هريرة المذكور باللفظ المسطور ولفظه قيل يا رسول اللّه من أكرم الناس قال أتقاهم قالوا ليس عن هذا نسألك قال فيوسف نبي اللّه بن نبي اللّه بن نبي اللّه بن خليل اللّه قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني خيارهم في الإسلام إذا فقهوا. 1415 - (أكرم المجالس) أي أشرفها (ما استقبل به القبلة) فيسن استقبالها في الجلوس للعبادات سيما الدعاء وأخذ منه النووي وغيره أن يسن للمدرس ونحوه أن يستقبل عند التدريس القبلة إن أمكن قال الواحدي القبلة الوجهة وهي الفعلة من المقابلة وأصل القبلة لغة الحالة التي يقابل الشخص غيره عليها لكنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة وقال الهروي سميت قبلة لأن المصلي يقابلها وتقابله. - (طس عد عن ابن عمر) بن الخطاب وضعفه المنذري ورواه عنه أيضاً أبو يعلى قال السمهودي وفي إسناد كل منهما متروك انتهى ومن ثم رمز المصنف لضعفه. 1417 - (أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) أي أكرمهم أصلاً يوسف فإنه جمع شرف النبوة وشرف النسب وكونه ابن ثلاثة أنبياء متناسقة فهو رابع نبي في نسق واحد ولم يقع ذلك لغيره وضم له أشرف علم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرغبة وشفقته عليهم وقد يوجد في المفضول مزايا لا توجد في الفاضل فلا ينافي كون غيره أكرم على ربه منه وقول القاضي المراد أكرم الناس الذين هم أهل زمانه غير سديد لأن ما أطبقوا عليه منه التوجيه المذكور أعني قولهم لأنه جمع إلى آخره لا يلائمه - (ق عن أبي هريرة طب عن ابن مسعود) قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أكرم الناس فذكره قال الهيثمي وفيه عنده بقية مدلس وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ورواه الطبراني عن أبي الأحوص وزاد بعد إسحاق ذبيح اللّه وبعد إبراهيم خليل اللّه. 1418 - (أكرم شعرك) بصونه من نحو وسخ وقذر وإزالة ما اجتمع فيه من نحو قمل (وأحسن إليه) بترجيله ودهنه افعل ذلك عند الحاجة أو غباً ، ومن إكرامه دفن ما انفصل منه. قال في الفردوس كان لأبي قتادة جمة خشنة جعدة فكان يدهن في اليوم مرتين. - (ن عن أبي قتادة) ورواه عنه أيضاً الديلمي وابن منيع. 1419 - (أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم) بأن تعلموهم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق وتخرجوهم في الفضائل وتمرنوهم على المطلوبات الشرعية ولم يرد إكرامهم بزينة الدنيا وشهواتها والأدب استعمال ما يحمد قولاً وفعلاً واجتماع خصال الخير أو وضع الأشياء موضعها أو الأخذ بمكارم الأخلاق أو الوقوف مع كل مستحسن أو تعظيم من فوقك والرفق [ص 91] بمن دونك أو الظرف وحسن التنازل أو مجالسة الخلق على بساط الصدق ومطالعة الحقائق بقطع العلائق قال بعض العارفين: الأدب طبقات فأكثر طبقات أدب أهل الدنيا في الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم وأشعار العرب وأدب أهل الدين رياضة النفس وترك الشهوات وأدب الخواص طهارة القلوب. - (ه) وكذا القضاعي (عن أنس) وفيه سعيد ابن عمارة قال الذهبي قال الأزدي متروك عن الحارث بن النعمان قال في الميزان قال البخاري منكر الحديث ثم ساق له من مناكيره هذا الخبر. 1420 - (أكرموا حملة القرآن) أي حفظته عن ظهر قلب بالإجلال والإحسان (فمن أكرمهم فقد أكرمني) ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي ومن أكرمني فقد أكرم اللّه ألا فلا تنقصوا حملة القرآن حقوقهم فإنهم من اللّه بمكانة كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء إلا أنهم لا يوحى إليهم انتهى بحروفه فحذفه غير جيد. - (فر) وكذا الدارقطني وعنه من طريقه خرجه الديلمي مصرحاً فإهماله الأصل وعزوه للفرع غير لائق (عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني الديلمي غريب جداً من رواية الأكابر عن الأصاغر انتهى قال السخاوي وفيه من لا يعرف وأحسبه غير صحيح انتهى وأقول فيه خلف الضرير أورده الذهبي في الضعفاء وقال قال ابن الجوزي روى حديثاً منكراً كأنه يشير إلى هذا. 1421 - (أكرموا المعزى) بكسر الميم وتفتح بالقصر والمد من الغنم خلاف الفنان (وامسحوا برغامها) بفتح الراء وبغين معجمة والأشهر مهملة فعلى الأول المراد مسح التراب عنها إذ الرغام بالفتح التراب وعلى الثاني ما يسيل من أنفها من نحو مخاط والأمر فيه للإصلاح والإرشاد (فإنها من دواب الجنة) أي نزلت منها أو تدخلها بعد الحشر أو من نوع ما في الجنة بمعنى أن في الجنة أشباهها وشبيه الشيء يكرم لأجله. - (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك انتهى ورواه عنه أيضاً الديلمي بنحوه. 1422 - (أكرموا المعزى وامسحوا الرغم عنها) رعاية وإصلاحاً لها (وصلوا في مراحها) بضم الميم مأواها ليلاً والأمر للإباحة (فإنها من دواب الجنة) على ما تقرر فيما قبله وجاء في أخبار أن الضأن كذلك وإنما أفرد المعزى هنا لأنه سئل عنها فذكره. - (عبد بن حميد) بغير إضافة كما مر (عن أبي سعيد) الخدري. 1423 - (أكرموا الخبز) بسائر أنواعه لأن في إكرامه الرضى بالموجود من الرزق وعدم الاجتهاد في التنعم وطلب الزيادة وقول غالب القطان من كرامته أن لا ينتظر به الأدم غير جيد لما سبق أن أكل الخبز مأدوماً من أسباب حفظ الصحة ومن كلام الحكماء الخبز يباس ولا يداس قال بعضهم ومن إكرامه أن لا يوضع الرغيف تحت القصعة ومن ثم أخرج الترمذي عن سفيان الثوري أنه كان يكره ذلك وكره بعض السلف أيضاً وضع اللحم والآدام فوق الخبز قال زين الحفاظ العراقي وفيه نظر ففي الحديث أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وضع ثمرة على كسرة وقال هذه أدام هذه وقد يقال المكروه ما يلوثه ويقذره أو يغير رائحته كالسمك واللحم وأما التمر فلا يلوث ولا يغير. - (ك هب عن عائشة) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وفيه قصة ورواه البغوي في معجمه وابن قتيبة في غريبه عن ابن عباس ورواه ابن الصلاح [ص 92] في طبقاته عن ابن عبدان بإسناده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلفظ أكرموا الخبز فإن اللّه تعالى سخر له بركات السماوات والأرض والحديد والبقر. 1424 - (أكرموا الخبز فإن اللّه أكرمه فمن أكرم الخبز أكرمه اللّه) لفظ رواية الطبراني فيما ذكره المؤلف عنه في الموضوعات فمن أكرم الخبز فقد أكرم اللّه فليحرر وإكرامه أن لا يوطأ ولا يمتهن كأن يستنجى به أو يوضع في القاذورة والمزابل أو ينظر إليه بعين الاحتقار قال الغزالي: وروى أن عابداً قرب إلى بعض إخوانه رغفاناً فجعل يقلبها ليختار أجودها فقال له العابد: مه أي شيء تصنع أما علمت أن في الرغيف الذي رغبت عنه كذا وكذا حكمة وعمل فيه كذا وكذا صانع حتى استدار من السحاب الذي يحمل الماء والماء الذي يسقي الأرض والرياح وبني آدم والبهائم حتى صار إليك ثم بعد ذلك تقلبه أنت ولا ترضى به قال الغزالي: وفي الخبر لا يستدير الرغيف ويوضع بين يديك حتى يعمل به ثلاث مئة وستون صانعاً أولهم ميكائيل الذي يكيل الماء من خزائن الرحمة ثم الملائكة التي تزجر السحاب والشمس والقمر والأفلاك وملائكة الهواء وداوب الأرض وآخر ذلك الخباز - (طب عن أبي سكينة) نزيل حمص أو حماه ويقال اسمه محلم بن سوار قال الذهبي والأظهر أن حديثه مرسل انتهى وقال الهيثمي فيه خلف بن يحيى قاضي السربي وهو ضعيف وأبو سكينة قال ابن المدائني لا صحبة له وقال غيره فيه خلف بن يحيى قاضي الري قال الذهبي في الضعفاء قال أبو حاتم كذاب انتهى وأورده المصنف في الموضوعات كابن الجوزي. 1425 - (أكرموا الخبز فإن اللّه أنزله من بركات السماء) يعني المطر (وأخرجه من بركات الأرض) أي من نباتها وذلك لأن الخبز غذاء البدن والغذاء قوام الأرواح وقد شرفه اللّه وجعله من أشرف الأرزاق وأنزله من بركات السماء نعمة منه فمن رمى به أو طرحه مطرح الرفض والهوان فقد سخط النعمة وكفرها وإذا جفا العبد نعمة نفرت منه وإذا نفرت منه لم تكد ترجع قال بعض العارفين: الدنيا ظئر والآخرة أم ولكل بنون يتبعونها فإذا جفوت الظئر نفرت وأعرضت وإذا جفوت الأم عطفت لأن الظئر ليس لها عطف الأمهات وهذه النعمة تخرج من هذه الأرض المسخرة فهي كالظئر تربيك. - (الحكيم) الترمذي في النوادر (عن الحجاج) بفتح المهملة وشدة الجيم (ابن عكاظ) ابن خالد بن نويرة (السلمي) النهري له بالمدينة مسجد ودار وهو والد نصر الذي نفاه عمر لحسنه (ابن منده) في تاريخ الصحابة وكذا المخلص والبغوي كلهم (عن عبد اللّه بن بريدة) تصغير بردة وهو أبو سهل الأسلمي قاضي مرو وعالمها (عن أبيه) بريدة بن الحصيب ورواه أبو نعيم في المعرفة والحلية قال السخاوي وكل هذه الطرق ضعيفة مضطربة وبعضها أشد في الضعف من بعض وقال الغلابي عن ابن معين أول هذا الحديث حق وآخره باطل وأورد المؤلف الحديث في الموضوعات تبعاً لابن الجوزي. 1426 - (أكرموا الخبز فإنه من بركات السماء) أي مطرها (والأرض) أي نباتها (من أكل ما سقط من السفرة) أي من فتات الخبز (غفر له) يعني محى اللّه عنه الصغائر فلا يعذبه عليها أما الكبائر فلا دخل لها هنا كما سيجيء له نظائر والسفرة [ص 93] بالضم طعام يتخذ للمسافر ومنه سميت السفرة كذا ذكره في الصحاح وفى المصباح السفر طعام يصنع للمسافر وسميت الجلدة التي يوضع عليها سفرة مجازاً وفي الأساس أكلوا السفرة وهي طعام السفر انتهى. وهذا يفهم أن ما يبسط ليوضع عليه الطعام لا يسمى سفرة إلا إذا كان طعام السفر ولكن الظاهر أنهم توسعوا فيه فأطلقوه على ما يبسط ليوضع فوقه مطلق الطعام وبذلك يتبين أن المغفرة الموعودة ليست مقصورة على لفظ ساقط سفرة السفر بل يشمل طعام الحاضر فتدبر (فائدة مهمة) أخرج أبو يعلى عن الحسن بن علي أنه دخل المتوضأ فأصاب لقمة أو قال كسرة في مجرى الغائط والبول فأخذها فأماط عنها الأذى ثم غسلها نعماً ثم دفعها لغلامه فقال له ذكرني بها إذا توضأت فلما توضأ قال ناولنيها قال أكلتها قال اذهب فأنت حر قال لأي شيء قال سمعت فاطمة تذكر عن أبيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال من أخذ لقمة أو كسرة من مجرى الغائط والبول فأماط عنها الأذى وغسلها نعماً أي جيداً ثم أكلها لم تستقر في بطنه حتى يغفر له فما كنت لاستخدم رجلاً من أهل الجنة قال الهيثمي رجاله ثقات. - (طب) وكذا البزار (عن عبد اللّه بن أم حرام) بحاء وراء مهملتين الأنصاري صحابي جليل ممن صلى إلى القبلتين قال الهيثمي فيه عبد اللّه بن عبد الرحمن الشامي لم أعرفه قال ابن الجوزي حديث لا يصح فيه غياث بن إبراهيم وضاع وتابعه عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي وهو كذاب انتهى وأقره على وضعه المؤلف في مختصر الموضوعات وفي الميزان عن ابن حبان أن عبد الملك هذا يسرق الحديث ثم أورد له هذا الخبر انتهى ورواه عنه أيضاً البزار وابن قانع وغيرهم وطرق الحديث كلها مطعون فيها لكن صنيع الحافظ العراقي يؤذن بأنه شديد الضعف لا موضوع وأمثل طرقه الأول. 1427 - (أكرموا العلماء) لعلمهم بأن تعاملوهم بالإجلال والإعظام وتوفوهم حقهم من التوقير والاحترام (فإنهم) حقيقيون بالإكرام إذ هم (ورثة الأنبياء) أراد به ما يشمل الرسل كما هو بين والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم قال بعض العارفين إنما يرث الإنسان أقرب الناس له رحماً ونسباً وعملاً فلما كان العلماء أقرب الناس إليهم وأجرأهم على عملهم ورثوهم حالاً وفعلاً وقولاً وعملاً ظاهراً وباطناً فعلم أنه إنما ينال هذا المنصب من عمل بعلمه فالعاملون به يستحقون الإكرام والإعظام لأنهم من الخلق أسراره وعلى الأرض أنواره وللدين أوتاد وعلى أعداء اللّه أجناد فهم للّه أولياء وللأنبياء خلفاء - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) 1427 - (أكرموا العلماء) العاملين (فإنهم ورثة الأنبياء فمن أكرمهم فقد أكرم اللّه ورسوله) وجه أمره بإكرامهم في هذا وما قبله أن ما من أحد نال مقام الوراثة إلا وتعظم عداوة الجهال له لعلمهم بقبيح فعلهم وإنكارهم لما وافق الهوى منه ومن الجهال من يبعثه على عداوة العالم الحسد والبغي فيكره أن يكون لأحد عليه شفوف منزلة واختصاص بمزية. - (خط) في ترجمة أحمد البلخي من رواية ابن المكندر (عن جابر) قال الزيلعي كابن الجوزي حديث لا يصح فيه الحجاج بن حجرة قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وقال الدارقطني يضع الحديث انتهى ومن ثم رمز المصنف لضعفه. 1429 - (أكرموا بيوتكم) أي منازلكم التي تسكنوها وتأوون إليها (ببعض صلاتكم) أي بشيء من صلاتكم الناقلة فيها [ص 94] (ولا تتخذوها قبوراً) أي لا تجعلوها كالقبور في كونها خالية من الصلاة فيها معطلة عن الذكر والعبادة كالقبر المعطل عنها. - (عب وابن خزيمة) في صحيحه (ك) في صلاة التطوع عن عبد اللّه بن فروخ عن ابن جريج (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته وليس كما زعم وغره قول الحاكم ابن فروخ صدوق وما درى أن الذهبي تعقبه بقول ابن عدي إن أحاديثه غير محفوظة . 1430 - (أكرموا الشعر) ندباً بترجيله ودهنه من نحو رأس ولحية وإزالته من نحو إبط وعانة. - (البزار) في مسنده (عن عائشة) رضي اللّه عنها قال الهيثمي فيه خالد بن إلياس وهو متروك ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي وفيه خالد بن إياس قال الذهبي في الضعفاء ترك وليس بالساقط. 1431 - (أكرموا الشهود) العدول بالملاطفة وإلانة القول لهم (فإن اللّه يستخرج بهم الحقوق) لأربابها (ويدفع بهم الظلم) إذ لولاهم لتم للجاحد ما أراده من ظلم صاحب الحق وأكله ماله بالباطل قال بعضهم لما صانوا دينهم ومروءتهم بكف أذى من شهدوا عليه بالحق حق توقيرهم وإكرامهم وحرمت إهانتهم ووجب احترامهم وفي رواية فإن اللّه يجيء بدل يستخرج والحديث وارد فيمن ظهرت عدالته منهم وقد غلب على أكثر أهل هذه الطائفة الفساد والإفساد حتى قال سفيان الثوري الناس عدول إلا العدول وقال ابن المبارك هم السفلة وأنشد: قوم إذا غضوا كانت رماحهم * بث الشهادة بين الناس بالزور هم السلاطين إلا أن حكمهم * على السجلات والأملاك والدور وقال آخر: احذر حوانيت الشهود * الأخسرين الأرذلينا قوم لئام يسرقون * ويحلفون ويكذبونا وقال آخر: إياك أحفاد الشهود فإنما * أحكامهم تجري على الحكام قوم إذا خافوا عداوة قادر * سفكوا الدما بأسنة الأقلام فالحديث وارد فيمن ملك منهم ما أمر به وتجنب ما نهى عنه وقليل ما هم وقد غلب على شهود المحاكم في زماننا الآن التنازع إلى التحمل وذلك مذموم يأخذ الأجرة على الأداء وذلك حرام وقسمة ما يحصل لهم بينهم كل يوم وذلك منهم كما قال السبكي شركة أبدان وهي غير جائزة مع الجهل المفرط تجد الواحد منهم كقريب العهد بالإسلام وأما شهود القسمة فمن قسم النار نسأل اللّه العافية (البانياسي) بفتح الموحدة التحتية وكسر النون ومثناة تحتية وآخره سين مهملة نسبة إلى بانياس بلدة من بلاد فلسطين (في جزئه) المشهور. - (خط) في ترجمة عبد الرحمن بن عبيد الهاشمي (وابن عساكر) في تاريخه في ترجمة عبد الصمد العباسي كلهم من حديث عبد الصمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس (عن) جده (ابن عباس) ثم قال أعني الخطيب فيما حكاه ابن الجوزي تفرد به عبيد اللّه بن موسى وقد ضعفوه انتهى وقال ابن عساكر قال العقيلي حديث غير محفوظ وفي الميزان عنه حديث منكر ولعل الحفاظ إنما سكتوا عنه مداراة للدولة انتهى وجزم الصغاني بوضعه ولم يستدركه عليه العراقي وحكم المؤلف في الدرر بأنه منكر. 1432 - (أكرموا عمتكم النخلة) قال الولي العراقي المراد بإكرامها سقيها وتلقيحها والقيام عليها وتعهدها ثم بين وجه [ص 95] تسميتها عمة بقوله (فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم) التي خلق منها آدم فهي بهذا الاعتبار عمة الإنسان من نسبه وهذا كما ترى نص صريح يبطل قول فخر الإسلام في البحر المراد عمتكم بخيرها انتهى قال ابن عربي: لما خلق اللّه آدم وفضلت من خميرة طينته فضلة خلق اللّه منها النخلة فهي لآدم أخت ولنا عمة وسماها الشرع عمة وشبهها بالمؤمن ولها أسرار عجيبة دون سائر النبات وفضل من الطيبة بعد خلق النخلة قدر السمسمة في الخفاء فمد اللّه من تلك السمسمة أرضاً واسعة الفضاء فيها من العجائب والغرائب ما لا يقدر قدره ويبهر العقول أمره قال بعضهم والنخلة أقرب الأشجار إلى الآدمي ولهذا اختصت بأنها لا تحمل قيستقيم ثمرها حتى تلقح من الفحول كمني الرجال لا ينعقد الولد إلا بوجوده مع ماء الإناث ورائحته أشبه شيء برائحة المني (وليس من الشجر شجرة أكرم على اللّه تعالى من شجرة) أي من جنس شجرة (ولدت تحتها مريم بنت عمران) الصديقة بنص القرآن وهي من ذرية سليمان عليه السلام بينها وبينه أربعة وعشرون أباً ولهذا أعلم اللّه بمزيتها في التنزيل على سائر الأشجار في قوله - (ع) عن شيبان بن فروخ عن مسرور بن سعيد التميمي الأوزاعي عن عروة بن دويم اللخمي عن علي (وابن حاتم) في العلل (عق) بالسند المذكور ثم قال هو غير محفوظ لا يعرف إلا بمسرور (عد) من الوجه المذكور وقال هذا منكر عن الأوزاعي وعزوه عن علي مرسل ومسرور غير معروف لم نسمع به إلا في هذا الحديث (وابن السني) أبو بكر (وأبو نعيم معاً في) كتاب (الطب) النبوي عن أبي بكر الآجري عن أحمد بن يحيى الحلواني عن شيبان عن مشروق الأوزاعي عن عروة بن دويم عن علي ثم قال أبو نعيم غريب من حديث الأوزاعي عن عروة تفرد به مسرور بن سعيد انتهى. وظاهر كلام المؤلف أن أبا نعيم لم يخرجه في الحلية وإلا لما عزاه له في الطب وليس كذلك بل خرجه فيه باللفظ المذكور من هذا الوجه (وابن مردويه) في التفسير من هذا الوجه كلهم (عن علي) أمير المؤمنين. قال الهيثمي بعد عزوه لأبي يعلى: فيه مسرور بن سعيد وهو ضعيف، أورده ابن الجوزي في الموضوع ويقال مسرور منكر الحديث وأورده من حديث ابن عمر، قال فيه جعفر بن أحمد وضاع اهـ. ولم يتعقبه المؤلف إلا بأن لأوله ولآخره شاهداً، فالحديث في سنده ضعف وانقطاع. 1433 - (اكفلوا) قال الزمخشري: الكفالة من الكفل وهي حياطة الشيء من جميع جهاته حتى يصير عليه كالفلك الدائر (لي) أي لأجل أمري الذي أمرتكم به عند اللّه (ست خصال) أي فعلها والدوام عليها (أكفل لكم الجنة) أي دخولها قيل وما هي قال (الصلاة والزكاة والأمانة) أي أداء الثلاثة لوقتها وتوفيتها لمستحقها (والفرج) بأنه تصونوه عن الوطء المحرم (والبطن) بأنه تحترزوا عن أن تدخلوا فيه مأكولاً أو مشروباً لا يحل تناوله شرعاً (واللسان) بأنه تكفوه عن النطق بما حرمه الشارع وكأنه لم يذكر باقي أركان الإسلام لدخولها في [ص 96] الأمانة أو أن المخاطبين بذلك قوم مخصوصون تفرس فيهم التساهل في هذه الخصال بخصوصها وجاء في أحاديث أخرى زيادة على الست ونقصان باعتبار حال المأمور. - (طس) وكذا في الصغير (عن أبي هريرة) قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمن حوله من أمته: اكفلوا لي إلخ. قال المنذري: إسناده لا بأس به، وقال الهيثمي: فيه حماد الطائي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات. 1434 - (أكل اللحم) أي لصحيح البدن قويم المزاج (يحسن الوجه) أي يكسبه نضارة وإشراقاً وحسناً (ويحسن الخلق) بالضم لزيادته في اعتدال المزاج وكلما اعتدل ومال عن طرفي الإفراط والتفريط توفر حسن الخلق، وانحراف الأمزجة مما يسوء الخلق ويضيق الصدر، وفي رواية زيادة على ذلك: ويطيب النفس، وهل أل في اللحم للجنس أو للعهد والمعهود ما لا ضرر فيه كلحم الغنم والطير والإبل والبقر؟ الظاهر الأول لقول الأطباء: اللحوم كلها حارة رطبة كثيرة الغذاء مولدة للدم محسنة للون ولا غذاء أشبه بها لبدن الإنسان اهـ. وضرر لحم نحو الإبل والبقر يندفع بتعديلها ببعض المصلحات نعم ينبغي أن لا يداوم على أكل اللحم لما جاء في بعض الأخبار أن له ضراوة كضراوة الخمر. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس). 1435 - (أكل كل ذي ناب) يعدو به ويصول (من السباع) كأسد ونمر وذئب ومثله كل ذي مخلب من الطير (حرام) بخلاف غير العادي كثعلب، فمن للتبعيض، ويصح جعلها للجنس، إذ المراد بأن يعدو به كما تقرر بقرينة تعبيره بقوله كل ذي ناب ولم يقل كل سبع تنبيهاً على الافتراس والتعدي، وإلا فلا فائدة لذكر الناب إذ السباع كلها ذو أنياب ثم هذا لا ينافيه آية {قل لا أجد فيما أوحى إليّ} لأنها مكية وخبر التحريم بعد الهجرة. قال ابن سينا: ولا يجتمع في حيوان ناب وقرن. - (ه عن أبي هريرة) قضية عدول المصنف واقتصاره عليه أنه لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه وهو ذهول عجيب، فقد خرجه سلطان الفن باللفظ المزبور من حديث أبي ثعلبة ونقله عنه جمع منهم الديلمي وغيره. 1436 - (أكل الليل أمانة) أي الأكل فيه للصائم أمانة في حقه إذ لا يطلع عليه إلا اللّه فعليه بذل الجهد في تحري الإمساك من الفجر الصادق، فإن ظن بقاء الليل بالاجتهاد جاز له الأكل وكذا إن لم يجتهد بل هجم لكن يكره له ذلك فإن بان أكله نهاراً لزمه القضاء وإن أشكل فلا. ذكره الشافعية. - (أبو بكر بن داود[في شرح المناوي: "أبو بكر بن داود" بدل "أبو بكر بن أبي داود" فليراجع. دار الحديث] في جزء من حديثه، فر) كلاهما (عن أبي الدرداء) وفيه بقية بن الوليد وقد سبق ويزيد بن حجر مجهول. 1437 - (أكل السفرجل) مربى وغير مربى، وهي ثمر شجرته معروفة يشبه التفاح (يذهب بطخاء القلب) أي يزيل الثقل والغثيان والغيم الذي على القلب كغيم السماء قال ابن الأنباري وغيره: الطخاء الثقل والظلمة أو ثقل وغشى أو ظلمة وغيم وفي الأساس: ليلة طخياء مظلمة. قال الأطباء: وهو يقوي المعدة ويمنعها من قبول الفضلات ويعيد الشهوة المفقودة ويقوي القلب والدماغ ويطفئ غلبة الدم في الوجه ويمنع الغثيان ويسكن وهج المعدة ويطيب النكهة لكنه يضر العصب. - (القالي) بالقاف أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي (في أماليه) الأدبية الشعرية (عن أنس) وهو مما بيض له الديلمي لعدم وقوفه على سنده كما بيض لخبر: أكل التين أمان من القولنج. [ص 97] 1438 - (أكل الشمر) بالتحريك هو معروف (أمان من) حدوث (القولنج) بضم القاف وفتح اللام وهو تعقد الطعام في الأمعاء فلا ينزل فيصعد بسببه بخار إلى الدماغ فقد يفضي إلى الهلاك. قال الأطباء: وهو محلل للرياح الغليظة شديد النفع من وجع الجنبين نافع من الأخلاط التي في المعدة ويدفع حرقة المعدة من البلغم الحامض ويشفي وجع الكلى والمثانة وينفع من نهش الهوام وهو بستاني وبري والظاهر إرادتهما في الحديث معاً. - (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) 1439 - (أكلفوا) أي أولعوا وأحبوا (من العمل ما تطيقون) الدوام عليه من الطوق وهو ما يوضع في العنق حلية فيكون ما يستطيعون من الأفعال طوقاً لهم في المعنى (فان اللّه لا يمل حتى تملوا) يعني لا يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالاً عبر عنه باسم الملال من تسمية الشيء باسم سببه أو المراد لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه (وإن أحب العمل إلى اللّه أدومه وإن قل) فالقليل الدائم أحب إليه من الكثير المنقطع، فأمرهم بالاقتصاد في الطاعة لئلا يطيعوا باعث الشغف فيحملوا أنفسهم فوق ما يطيقون فيؤدي لعجزهم عن الطاعة أو قيامهم بها بتكلف. - (حم د ن عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه ليس في أحد الصحيحين، وليس كذلك، فقد قال الحافظ العراقي متفق عليه. 1440 - (أكمل المؤمنين) أي من أتمهم (إيماناً) تمييز (أحسنهم خلقاً) بالضم، لأن هذا الدين مبني على السخاء وحسن الخلق ولا يصلح إلا بهما فكمال إيمان الإنسان ونقصه على قدر ذلك، ولا يناقضه ما سلف أنه جبلي غريزي، لأنه وإن كان سجية أصالة لكن يمكن اكتساب تحسينه بنحو نظر في أخلاق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم والحكماء ثم بتصفية النفس عن ذميم الأوصاف وقبيح الخصال ثم برياضتها إلى تحليها بالكمال ومعالي الأحوال وحينئذ فيثاب على تلك الأخلاق لكونها من كسبه. - (حم د حب ك) وصححه (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي في أماليه حديث صحيح، وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه في الأحاديث المتواترة إلى البخاري وعده من المتواتر، ورواه البزار من حديث أنس بسند رجاله ثقات وزاد فيه: وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة، والطبراني في الأوسط من حديث أبي سعيد بسند فيه مجهول، وزاد: الموطئون أكنافاً، الذين يألفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. 1441 - (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) بالضم، قال الحليمي: دل على أن حسن الخلق إيمان وعدمه نقصان إيمان، وأن المؤمنين يتفاوتون في إيمانهم، فبعضهم أكمل إيماناً من بعض. ومن ثم كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحسن الناس خلقاً لكونه أكملهم إيماناً (وخياركم خياركم لنسائهم) أي من يعاملهنّ بالصبر على أخلاقهنّ ونقصان عقلهنّ، وطلاقة الوجه، والإحسان. وكف الأذى، وبذل الندى، وحفظهنّ من مواقع الريب، ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لعياله، وهل المراد بهن حلائل الرجل من زوجة وسرية، أو أصوله وفروعه وأقاربه، أو من في نفقته منهن، أو الكل؟ والحمل على الأعم أتم. - (ت حب عن أبي هريرة) [ص 98] قال الترمذي حسن صحيح، وقال ابن حبان صحيح، وكذا الحاكم. 1442 - (اللّه اللّه في) حق (أصحابي) أي اتقوا اللّه فيهم ولا تلمزوهم بسوء: أو اذكروا اللّه فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم وكرره إيذاناً بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص (لا تتخذوهم غرضاً) بمعجمة هدفاً ترموهم بقبيح الكلام كما يرمي الهدف بالسهام، هو تشبيه بليغ (بعدي) أي بعد وفاتي. قال في الصحاح: الغرض الهدف الذي يرمى إليه (فمن أحبهم فبحبي أحبهم) أي فبسبب حبهم إياي، أو حبي إياهم أي إنما أحبهم لحبهم إياي أو لحبي إياهم (ومن أبغضهم فببغضي) أي فبسبب بغضه إياي (أبغضهم) يعني إنما أبغضهم لبغضه إياي، ومن ثم قال المالكية يقتل سابهم (ومن آذاهم) بما يسوءهم (فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه) ولا يضره ذلك بشهادة: يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني (ومن آذى اللّه يوشك أن يأخذه) أي يسرع انتزاع روحه أخذة غضبان منتقم عزيز مقتدر جبار قهار - (ت) في المناقب (ه عن عبد اللّه بن مغفل) بضم الميم وفتح المعجمة وشدّة الفاء واستغربه. قال الصدر المناوي: وفيه عبد الرحمن بن زياد قال الذهبي لا بعرف، وفي الميزان: في الحديث اضطراب. 1443 - (اللّه اللّه) أي اتقوا اللّه وخافوه (فيما ملكت أيمانكم) من الأرقاء وكل ذي روح (ألبسوا ظهورهم) ما يستر عورتهم ويقيهم الحر والبرد على الوجه اللائق (وأشبعوا بطونهم وألينوا لهم القول) أي تجنبوا مخاطبتهم ومعاتبتهم الغلظة والفظاظة، ومن ذلك أن لا يقول أحدكم عبدي ولا أمتي، وهذا قاله المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في مرض موته، واللين ضد الخشونة. وتلين تملق كذا في الصحاح. قال الزمخشري: من المجاز: رجل في ليان من العيش ورجل لين الجانب ولان لقومه وألان لهم جناحه {فبما رحمة من اللّه لنت لهم} وهو لين الأعطاف وطيء الأكتاف ولاين أصحابك ولا تخاشنهم، وتلين له تملق. - (ابن سعد) في الطبقات (طب) وكذا ابن السني (عن كعب بن مالك) قال عهدي بنبيكم صلى اللّه عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال فسمعته يقول فذكره. قال الهيثمي: فيه عبد اللّه بن زحر وعلي [ص 99] بن زيد وهما ضعيفان وقد وثقا اهـ وقال الذهبي عبد اللّه ضعيف وله صحيفة واهية. 1444 - (اللّه اللّه) اتقوا اللّه وخافوه كثيراً (فيمن ليس له) ناصر أو ملجأ (إلا اللّه) كيتيم وغريب ومسكين وأرملة فتجنبوا أذاه وأكرموا مثواه وتحملوا جفوته وتكلفوا مؤنته فإن المرء كلما قلت أنصاره وأعوانه كانت رحمة اللّه له أكثر وعنايته به أشد وأظهر، - (عد عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وهو مما بيض له الديلمي. 1445 - (اللّه الطبيب) أي هو المداوي الحقيقي بالدواء الشافي من الداء وهذا قاله لوالد أبي رمثة حين رأى خاتم النبوة وكان ناتئاً فظنه سلعة تولدت من الفضلات فرّد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كلامه بإخراجه مدرجاً منه إلى غيره يعني ليس هذا علاجاً بل كلامك يفتقر إلى العلاج حيث سميت نفسك طبيباً، واللّه هو الطبيب وإنما أنت رفيق ترفق بالمريض وتتلطف به وله فهو من الأسلوب الحكيم في فن البديع. وذلك لأن الطبيب هو العالم بحقيقة الدواء والداء والقادر على الصحة والشفاء وليس ذلك إلا اللّه لكن تسمية اللّه بالطبيب إذا ذكره في حالة الاستشفاء نحو أنت المداوي أنت الطبيب سائغ ولا يقال يا طبيب كما يقال يا حكيم لأن إطلاقه عليه متوقف على توقيف. - (د) وكذا النسائي خلافاً لما يوهمه كلامه من تفرد أبي داود به من بين الستة (عن أبي رمثة) بكسر فسكون ففتح البلوى أو التيمي أو التميمي اسمه رفاعة بن يثربي أو عكسه أو عمارة بن يثربي أو حبان بن وهب أو جندب أو حبيب أو غير ذلك صحابي مات بأفريقية. قال دخلت مع أبي على رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم فرأى أبي الذي بظهره، فقال دعني أعالجه فإني طبيب فذكره. 1446 - (اللّه مع القاضي) بعونه وإرشاده وإسعافه وإسعاده (ما لم يجر) في حكمه: أي يتعمد الظلم فيه (فإذا جار) فيه (تخفى) أي قطع (عنه) تسديده وتوفيقه (ولزمه الشيطان) يغويه ويضله ليخزيه غداً ويذله لما أحدثه من الجور وارتكبه من الباطل وتحلى به من خبيث الشمائل وقبيح الرذائل. قال ابن العربي: القاضي يقضي بالحق ما كان اللّه معه فإذا تركه جار فالأمر أولاً بيد اللّه يبدأ عن بداية المقادير وحكمه بالتقدير وملكه للتدبير تحقيقاً للخلق وتوحيداً وقد يخبر عن مآل حالهم تخويفاً وإنذاراً بالمعاملات التي جعلها لأهل الفوز وأهل الهلكة وهو الحكيم الخبير. قال ابن بطال: دل الحديث على أن القضاء بالعدل من أشرف الأعمال وأجل ما يتقرّب به إلى الملك المتعال وأنه بالجور بضد ذلك سأل ابن شاهين الجنيد عن معنى مع فقال على معنيين: مع الأنبياء والأولياء بالنصرة والكلاءة - (ت) واستغربه (عن عبد اللّه بن أبي أوفى) بفتح الهمزة والواو وبالفاء مقصور: علقمة بن خالد المدني، ظاهر صنيع المصنف أن الترمذي تفرّد به من بين الستة والأمر بخلافه بل رواه ابن ماجه أيضاً كما ذكره ابن حجر قال: صححه ابن حبان والحاكم. 1447 - (اللّه ورسوله مولى من لا مولى له) أي حافظ وناصر من لا حافظ ولا ناصر له فحفظ اللّه لا يفارقه وكيف يفارقه مع أن اللّه وليه وحافظه وناصره فمن كان اللّه مولاه فلا يذل ولا يخزى فنعم المولى ونعم النصير. قال الفخر الرازي: من كان ربه هاديه لا يضل ومن كان ربه معينه لا يشقى ومن كان ربه مولاه لا يضيع (والخال وارث من لا وارث له) زاد في رواية يفك عائه أي عائنه يعني ما يلزمه وما يتعلق به من الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة هذا عند من يوّرث الخال ومن لا يورثه يقول معناه إنها طعمة أطعمها الخال لا أن يكون وارثاً كذا قرره ابن الأثير. - (ت ه عن عمر) بن الخطاب رضي اللّه عنه رمز المصنف لصحته وليس كما قال فإن الترمذي إنما حسنه فقط. قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه حكيم بن حكيم وهو ابن أخي عمرو بن حنيف لا تعرف عدالته وإن روى عنه جمع. 1448 - (اللّهم) الميم عوض من ياء، ولذا لا يجتمعان، وهو من خصائص هذا الاسم لدخولها عليه مع لام التعريف كما خص بالباء في القسم وقطع همزته في يا اللّه، وقيل أصله يا اللّه أمّنا بخير فخفف بحذف حرف النداء ذكره القاضي البيضاوي . قال في النهاية: اللّهم على ثلاثة أنحاء: أحدها أن يراد به النداء المحض كقولك اللّهم ارحمنا. الثاني أن يذكره المجيب تمكيناً للجواب في نفس السائل يقول لك القائل أزيد قائم فتقول اللّهم نعم أو اللّهم لا. الثالث أن يستعمل دليلاً على الندرة وقلة وقوع المذكور كقولك أنا لا أزورك اللّهم إذا لم تدعني، ألا ترى أن وقوع الزيارة مقروناً بعدم الدعاء قليل (لا عيش) أي لا عيش كاملاً أو باقياً أو معتبراً أو هنيئاً (إلا عيش) الدار (الآخرة) لا هذا العيش الفاني الزائل، لأن الآخرة باقية لا تزول وعيشها لا يعتريه اضمحلال ولا ذبول، وعيش الدنيا وإن كان محبوباً للنفوس معشوقاً للقلوب ظل زائل وسحابة صيف لا يرجى دوامها والعيش الحياة، قال الرافعي: والقصد بذلك فطم النفس عن الرغبة في الدنيا وحملها على الرغبة في الآخرة وتحمل أثقال مساعيها، وهذا لابن رواحة، وتتمته فأكرم الأنصار والمهاجرة، تمثل به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يوم الخندق وهو من مشطور الرجز والممتنع عليه إنشاء الشعر لا إنشاده على أن الخليل لم يعد مشطور الرجز شعراً، وقال بعضهم: هذه الكلمة قالها في أسر أحواله لما رأى جمع المسلمين بعرفة وفي أشدها عند حفر الخندق، وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته: فاغفر للأنصار والمهاجرة، ولفظ البخاري في باب التحريض على القتال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجزع قال: اللّهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة. - (حم ق عن سهل بن سعد) الساعدي قال: جاءنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا فقال اللّهم إلخ. 1449 - (اللّهم) أصله يا اللّه حذفت ياؤه وعوض عنها الميم وشدّدت لتكون على حرفين كالمعوض عنه وقد يقال فيه لاهم بحذف أل (اجعل رزق) وفي رواية للعسكري: عيش (آل محمد) زوجاته ومن في نفقته أو هم مؤمنو بني هاشم والمطلب أو أتقياء أمته والحمل على الأعم أتم (في الدنيا قوتاً) وفي رواية: كفافاً: أي بلغة تسدّ رمقهم وتمسك [ص 101] قوتهم بحيث لا ترهقهم الفاقة ولا تذلهم المسألة والحاجة ولا يكون فيهم فضول يصل إلى ترفه وتبسط ليسلموا من آفات الغنى والفقر، والكفاف ما لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة، والقوت ما يسد به الرمق سمي قوتاً لحصول القوة به سلك المصطفى صلى اللّه عليه وسلم طريق الاقتصاد المحمود، فإن كثرة المال تلهي، وقلته تنسي، فما قل منه وكفى خير مما كثر وألهى، وفي دعاء المصطفى صلى اللّه عليه وسلم به إرشاد لأمته كل الإرشاد إلى أن الزيادة على الكفاف بكثير لا ينبغي أن يتعب العاقل في طلبه لكونه لا خير فيه، وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فمنهم من يعتاد الرياضة حتى إنه يأكل في كل أسبوع مرة فكفافه وقوته تلك المرة في كل أسبوع، ومنهم من يعتاد الأكل في كل يوم مرة أو مرتين فكفافه ذلك لأنه إن تركه ضره، ومنهم كثير العيال، فكفافه ما يسد رمق عياله ومنهم من يقل عياله فلا يحتاج إلى زيادة فقدر الكفاف غير مقدّر ومقداره غير معين لكن المحمود ما يحصل به القوة على الطاعة والاشتغال به على قدر الحاجة، وقوله: إني أسألك غناك وغنى مولاي المراد غنى يدفع الفاقة فقط فلا يخالفه ما هنا، وقوله: "اللّهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني" لم يرد به ما يزيد على الكفاف . قال ابن عربي: اللّهم هو اسمه المدعو به الذي قلما حفظ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه دعا بسواه إلا أن يكون تلقيناً لمتعلم أو نطقاً عن مقتضى حال يرجع إلى إيقاع نفع ذلك إعراباً عن حالهم وذلك هو الاسم الأعظم. - (م ت ه عن أبي هريرة) ظاهره أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم بل رواه البخاري في الرقائق. 1450 - (اللّهم اغفر للمتسرولات) أي للابسات السراويلات (من) نساء (أمتي) أمة الإجابة. وفي رواية: للمتسرولات من النساء، وإنما دعا لهنّ بذلك لأنهن لما حافظن على ما أمرهن به من الستر قابلهن بالدعاء لهن بالغفر الذي أصله الستر، فذاك ستر العورات وذا ستر الخطيات، وجعله كناية عن حفظ الفروج خلاف الظاهر. - (البيهقي في الأدب) أي في كتاب الأدب له وكذا البزار (عن عليّ) أمير المؤمنين قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فسقطت امرأة عن دابة فأعرض عنها بوجهه، فقيل إنها متسرولة فذكره، رمز المصنف لضعفه، ووجهه أن فيه إبراهيم بن زكريا الضرير، قال في الميزان عن أبي حاتم حديثه منكر، وعن ابن عدي: حدث بالبواطيل، قال: ومن بلاياه هذا الخبر، وساقه، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع، وقال المتهم به إبراهيم هذا، وتعقبه المؤلف بأن الذي قال فيه ابن عديّ هذا القول هو إبراهيم بن زكريا العجلي، وهذا إبراهيم بن زكريا الواسطي وهو ثقة. 1451 - (اللّهم اغفر للحاج) أي حجاً مبروراً (ولمن استغفر له الحاج) قاله ثلاثاً وهو تشريف عظيم للحاج فيتأكد طلب الاستغفار من الحاج ليدخل في دعاء المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وظاهره ندب طلب الاستغفار منه في سائر الأوقات، لكن في الإحياء عن الفاروق ما محصوله: إن غاية طلبه إلى عشرين من ربيع الأول أي فإن تأخر وصوله إلى وطنه عنها فإلى وصوله كما ذكره ابن رجب. - (هب) وكذا الحاكم، ومن طريقه أورده البيهقي والخطيب (عن أبي هريرة) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وتعقبه بأن فيه شريكاً القاضي ولم يخرج له مسلم إلا في المتابعات. 1452 - (اللّهم رب) أي يا رب (جبريل) قال الحراني: اسم عبودية، لأن إيل اسم اللّه في الملأ الأعلى وهو يد بسط لروح اللّه في القلوب بما يحييها اللّه من روح أمره إرجاعاً إليه في هذه الدار قبل إرجاع روح الحياة بيد القبض من عزرائيل [ص 102] (وميكائيل) اسم عبودية أيضاً، وهو يد بسط للأرزاق المقيمة للأجسام (وإسرافيل) وهو بسط يد للأرواح التي بها الحياة، قال الجزولي في شرح الرسالة: إنه إنما سمي إسرافيل لكثرة أجنحته وميكائيل لأنه موكل بالمطر والنبات يكيله ويزنه (ومحمد) الذي هو روح الأرواح (نعوذ) أي نعتصم (بك من النار) أي من عذابها فوجه تخصيص الأملاك الثلاثة أنها أشرف الملائكة وأنها الموكلة بالحياة وعليها مدار نظام هذا الوجود، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب، وميكائيل بالقطر والنبات الذي هو حياة الأرض والحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى الأشباح، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح الموكلة بالحياة له تاثير كبير في حصول المطلوب وهذا كما ترى أدق من قول البعض خص هؤلاء لكمال اختصاصهم واصطفائهم وكونهم أفضل الملائكة، والأول والأخير أفضل من الثاني وفي التفضيل بينهما أقوال: ثالثها الوقف. - (طب ك) في المناقب، وكذا ابن السني في عمل اليوم والليلة (عن والد أبي المليح) واسمه عامر بن أسامة، قال: صليت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ركعتي الفجر فسمعته يقول: اللّهم...إلخ ثلاثاً. قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه اهـ وبه يعرف أن رمز المصنف لصحته غير صواب. 1453 - (اللّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) وهو ما لم يؤذن في تعلمه شرعاً أو ما لا يصحبه عمل أو ما لا يهذب الأخلاق الباطنة فيسري منها إلى الأفعال الظاهرة ويفوز بها إلى الثواب الآجل وأنشد: يا من تقاعد عن مكارم خلقه * ليس التفاخر بالعلوم الزاخرة من لم يهذب علمه وأخلاقه * لم ينتفع بعلومه في الآخرة . وقدم العلم على العمل لأن العمل بدون علم ضلال (وعمل لا يرفع) إلى اللّه رفع قبول لفقد نحو إخلاص ومصاحبة نحو رياء (ودعاء لا يستجاب) أي لا يقبله اللّه وإنما استعاذ من ذلك لأن العلم إذا لم ينفع لا يخلص صاحبه منه كفافاً بل يكون وبالاً، والعمل إذا لم يرفع كان مردوداً على فاعله مغضوباً عليه. والدعاء إذا لم يقبل دل على غلِّ في صدر صاحبه. - (حم حب ك عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته. 1454 - (اللّهم أحيني مسكيناً وتوفني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين) أي اجمعني في جماعتهم بمعنى اجعلني منهم قال في الصحاح: الحشر الجمع، والزمرة بالضم الجماعة قال اليافعي: وناهيك بهذا شرفاً للمساكين ولو قال احشر المساكين في زمرتي لكفاهم شرفاً وكيف وقد قال واحشرني في زمرتهم ثم أنه لم يسأل مسكنة ترجع للقلة بل إلى الإخبات والتواضع، ذكره البيهقي، وجرى على قضيته حجة الإسلام حيث قال: استعاذته من الفقر لا تنافي طلب المسكنة لأن الفقر مشترك بين معنيين: الأول الافتقار إلى اللّه والاعتراف بالذلة والمسكنة له، والثاني فقر الاضطرار وهو فقد المال المضطر إليه كجائع فقد الخبز فهذا هو الذي استعاذ منه. والأول هو الذي سأله اهـ وسئل الشيخ زكريا عن معنى هذا الحديث فقال: معناه طلب التواضع والخضوع وأن لا يكون من الجبابرة المتكبرين والأغنياء المترفين اهـ ومنه أخذ السبكي قوله المراد استكانة القلب لا المسكنة التي هي نوع من الفقر فإنه أغنى الناس باللّه. (وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة) يعني من لم يرزق سعة في الدنيا بل كان فقيراً معدماً وهو مع ذلك مقارف للذنوب لا يرعوي ولا يتوب وفارق الدنيا وهو مصرّ على هذا الحال لم يدركه العفو، فهو [ص 103] أشقى من كل شقي من المؤمنين بلا إشكال لأنه معذب في الدارين. - (ك) في الرقاق (عن أبي سعيد) الخدري وقال صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكن ضعفه في الميزان وزعم ابن الجوزي وتيمية وضعه. قال ابن حجر: وليس كذلك بل صححه الضياء في المختارة وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: أساء ابن الجوزي بذكره له في الموضوعات وقال المؤلف أسرف وقال ابن حجر مرة أخرى: أسرف ابن الجوزي بذكره في الموضوع وكأنه أقدم عليه بما رآه مبايناً للحال التي مات عليها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه كان مكفياً. 1455 - (اللّهم إني أسألك من الخير كله) أي بسائر أنواعه وجميع وجوهه (ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم) طلبه الخير لا ينافي أنه أعطي منه ما لم يعطه غيره لأن ما منحه من صفات الكمال إنما هو بالنسبة للمخلوقات فهو كمال نسبي والكمال المطلق للّه، وكل صفة من صفات الحوادث قابلة للزيادة والنقص، ومن ثم أمر بطلب الزيادة في العلم {وقل رب زدني علماً} ولذا جاز الدعاء عند الختم بنحو: اللّهم اجعله زيادة في شرفه لأنه وإن كان كامل الشرف فكماله نسبي والازدياد فيه متصور بخلاف صفاته تعالى كمالها في ذاتها لا يقبل زيادة ولا نقصاناً. - (الطيالسي طب) أبو داود (عن جابر بن سمرة) بن جندب. 1456 - (اللّهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها) أي اجعل آخر كل عمل لنا حسناً، فإن الأعمال بخواتيمها وعاقبة كل شيء آخره كما قال في الصحاح وغيره (وأجرنا من خزي الدنيا) رذائلها ومصائبها وغرورها وغدرها (وعذاب الآخرة) زاد الطبراني في روايته من كان ذلك دعاءه مات قبل أن يصيبه البلاء. اهـ. قال في الكشاف: والخزي الهوان وهذا من جنس استغفار الأنبياء مما علموا أنهم مغفور لهم. قال ابن عربي: والدار الآخرة الجنة والنار اللتين أعدهما اللّه لعباده السعداء والأشقياء. سميت آخرة لتأخر خلقها عن الدنيا بتسعة آلاف سنة مما تعدون. - (حم حب ك عن بسر بن أرطأة) كذا وقفت عليه بخط المؤلف هنا وهو ذهول وإنما هو ابن أبي أرطأة كما بينه الحافظ ابن حجر فقال في الإصابة: الأصح ابن أبي أرطأة. قال ابن حبان: ومن قال ابن أرطأة فقد وهم اهـ. ثم رأيت المصنف ذكره في أواخر هذا الكتاب على الصواب كما رأيته بخطه أيضاً في خبر لا تقطع الأيدي في السفر ولولا الوقوف على خطه لظنناه من تحريف النساخ ولكن الإنسان محل النسيان وأول ناس أول الناس وبسر: بضم الموحدة التحتية وسكون المهملة ثم راء العامري القرشي مختلف في صحبته، ولاه معاوية اليمن فأفسد وعتا وتجبر وضلّ، قال ابن عساكر: له بها آثار غير محمودة، وقتل عبد الرحمن وقثم ابني عبد اللّه بن عباس وخلفا حتى من لم يبلغ الحلم: كولد زينب بنت فاطمة بنت علي كرم اللّه وجهه، وقال يحيى: كان بسر رجل سوء وأهل المدينة ينكرون سماعه من النبي صلى اللّه عليه وسلم اهـ ملخصاً وقد رمز المصنف لصحته وقد عرفت حال بسر أما من دونه فموثوقون في بعض طرقه المذكورة لا كلها قال الحافظ الهيثمي: رجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني ثقات. 1457 - (اللّهم بارك لأمتي) أمة الإجابة (في بكورها) في شرح السقط أول اليوم الفجر، وبعده الصباح فالبكرة فالضحى فالضحوة فالهاجرة فالظهر فالرواح فالمساء فالعصر فالأصيل فالعشاء الأول فالعشاء الآخر وذلك عند مغيب [ص 104] الشفق. قال النووي في رؤوس المسائل: يسن لمن له وظيفة من نحو قراءة أو علم شرعي وتسبيح أو اعتكاف أو صنعة فعله أول النهار وكذا نحو سفر وعقد نكاح وإنشاء أمر لهذا الحديث. - (حم 4 حب عن صخر) بفتح المهملة وسكون المعجمة ابن وداعة (الغامدي) بغين معجمة ودال مهملة، الأرذي، حجازي سكن الطائف. قال الترمذي عن البخاري: لا أعرف له غير هذا الحديث اهـ. وفي التقريب كأصله: صخر صحابي مقل لم يرو عنه إلا عمارة بن حديد وفي العلل لابن الجوزي هذا يرويه عمارة بن حديد عن صخر. قال أبو حاتم: عمارة مجهول. وقال أبو زرعة لا يعرف ولما قال عبد الحق هو من طريق أبي داود حسن قال ابن القطان: هذا خطأ ففيه عمارة بن حديد مجهول لا يعرف (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي: وله عنه ثلاث طرق في أولها إبراهيم بن سالم قال ابن عدي منكر الحديث غير معروف وفي الثاني محمد بن عبد الرحمن قال يحيى لا شيء وقال النسائي متروك وفي الثالث محمد بن الفضل قال أحمد حديثه حديث أهل الكذب (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه عمرو بن مشاور وهو ضعيف، ولابن الجوزي له عنه أربع طرق في الأول والثاني عمرو بن مشاور قال ابن حبان يروي المناكير وأبو حمزة قال الدارقطني عن أحمد ويحيى: ليس بشيء، وفي الثالث الحسين بن علوان كذبه يحيى والرابع عبد الصمد بن موسى الهاشمي ضعفوه (وعن ابن مسعود) قال الهيثمي: وفيه علي بن عابس وهو ضعيف، قال الدارقطني: تفرد به علي بن عابس عن العلاء قال يحيى ليس بشيء وقال ابن حبان: فحش خطؤه فاستحق الترك (وعن عبد اللّه بن سلام) بالتخفيف ابن الحارث بن يوسف الإسرائيلي كان اسمه الحصين فسماه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه وشهد له بالجنة وكان من علماء الصحابة: صحابي كبير شهد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم له بالجنة مات سنة ثلاث وأربعين. قال الهيثمي: وفيه هشام بن زياد وهو متروك (وعن عمران بن حصين) قال الهيثمي: وفيه العلاء بن بركة وهو متروك (وعن كعب بن مالك) قال الهيثمي: وفيه عمارة بن هارون وهو متروك وقال ابن الجوزي: يرويه عن كعب عمارة بن هارون وقد قال أبو حاتم متروك (وعن النواس) بنون فواو مشددتين فمهملة بعد الألف (ابن سمعان) كشعبان، الكلابي صحابي سكن الشام وقال الهيثمي: وفيه عمارة بن هارون وهو متروك وظاهر صنيع المصنف حيث اقتصر على هؤلاء أنه لم يرو إلا عنهم وليس كذلك فقد زاد ابن الجوزي كغيره فرواه عن آخرين: علي أمير المؤمنين، وبقية العبادلة، وجابر، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وأبي رافع، وعمارة بن وثيمة، وأبي بكرة، وبريدة بن الحصيب، وواثلة، ونبيط بن شرط، وأبو ذر، وأنس، والعرس بن عميرة، وعائشة، وضعفها أعني ابن الجوزي كلها وقال لا يثبت منها شيء، وقال أبو حاتم: لا أعلم فيه حديثاً صحيحاً. قال ابن حجر: وقد اعتنى بعض الحفاظ - يعني المنذري - يجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين. 1458 - (اللّهم بارك لأمتي في بكورها) في رواية ابن السكن: في بكورهم (يوم الخميس) في رواية البزار: يوم خميسها، وفي رواية للطبراني: واجعله يوم الخميس وفيه خلقت الملائكة المدبرات للعالم. قال القزويني: يوم مبارك سيما بطلب الحاجة وابتداء السفر، وكان صخر لا يسافر إلا فيه فأثرى وكثر ماله (ه) وكذا البزار (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: تفرد به محمد بن أيوب بن سويد عن أبيه ومحمد. قال ابن حبان: يروي الموضوع لا يحل الاحتجاج به، وأبو أيوب قال ابن المبارك: ارم به، وقال يحيى: ليس بشيء اهـ، وسأل أبو زرعة عن هذه الزيادة، فقال هي مفتعلة قال الحافظ العراقي: وروى بدل الخميس السبت. قال: وكلاهما ضعيف، وقال في محل آخر أسانيدها كلها ضعيفة. [ص 105] 1459 - (اللّهم إنك سألتنا من أنفسنا) بيان في مقام التأكيد (ما لا نملكه) أي نستطيعه جلباً أو نفعاً (إلا بك) أي بإقدارك وتمكينك وتوفيقك، وذلك المسؤول هو لزوم فعل الطاعات وتجنب المعاصي والمخالفات (اللّهم فأعطنا منها ما) أي توفيقاً نقتدر به على فعل الذي (يرضيك عنا) من الرضى خلاف السخط، وهما من صفات الذات. قال الحرائي: الرضى وصف المقر لما يريد، فكل واقع بإرادة لا يكون رضى، إلا أن يستدركه الإقرار، فإن تعقبه الرفع والتغيير فهو مراد غير رضى، ومقصود الحديث الاعتذار عما دق من وسائس النفوس وفيه بيان أن الأمور كلها منه تعالى مصدرها وإليه مرجعها فلا تملك نفس لنفس شيئاً، إذ ليس لغيره وجود حقيقة حتى ينسب إليه إعطاء أو منع وهو الموجود المحقق القائم بنفسه وقائم على كل نفس بما كسبت وكل قائم فقيامه به ومن أثبت نفسه معه فهو الأعمى المنكوس ولو عرف لعلم أنه من حيث هو لا ثبات له ولا وجود، وإنما وجوده من حيث أوجد لا من حيث وجد. وفرق بين الموجود وبين الموجد، وليس في الوجود إلا موجود واحد فالموجود حق والموجد باطل من حيث هو هو والموجود قائم وقيوم والموجد هالك وفان. - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي هريرة) ورواه أيضاً باللفظ المذكور المستغفري في الدعوات. قال الحافظ العراقي: وفيه ولهان بن جبير ضعفه الأزدي. قال المصنف: وهذا الحديث متواتر. 1460 - (اللّهم اهد قريشاً) أي دلها على طريق الحق، وهو الدين القيم، أي دين الإسلام، وهذا إن كان صدر قبل إسلامهم جميعاً فظاهر، أو بعده فالمراد ثبتهم على ذلك، والهداية دلالة بلطف وتستعمل في غيره تهكماً (فإن عالمها) أي العالم الذي ينشأ من أهل تلك القبيلة (يملا طباق الأرض علماً) أي يعم الأرض بالعلم حتى تكون طبقاً لها مغطياً لجميعها والبطن كل غطاء لازم على الشيء. ذكره ابن الأثير. قال بعض المحققين: وليس هذا بإخبار عن علو عالمها لعلمه أن عالم الغيب والشهادة أعلم. لكنه أراد أني لا أدعوك عليهم لما غاظوني وأذوني، بل أدعوك أن تهديهم لأجل أحكام إحكام دينك يبعث ذلك العالم الذي هو من سلالتها فتدبر. ثم ذلك العالم القرشي نزله أحمد وغيره على الشافعي، فلا أحد بعد تصرم عصر الصحب اتفق الناس على تقديمه علماً وعملاً وأنه من قريش سواه وقد تأيد ذلك بانقياد الخلق بقوله ومعتقده نحو ثمان مئة سنة بعده تطلع الشمس وتغرب ومذهبه باقي لا يتصرم، واسمه في سمو لا يتقهقر بل يتقدم (اللّهم كما أذقتهم عذاباً) وفي رواية نكالاً بالقحط والغلاء والقتل والقهر وغيرها (فأذقهم نوالاً) أي إنعاماً وعطاءاً وفتحاً من عندك وعبر بالذوق بقلة الزمن فيهما - (خط وابن عساكر) في التاريخ من حديث وهب بن كيسان (عن أبي هريرة) قال السخاوي: وروايته عن وهب فيه ضعف. اهــ. قال الزين العراقي: وله شاهد رواه أبو داود والطيالسي من حديث عبد اللّه بن مسعود مرفوعاً بلفظ: لا تسبوا قريشاً فإن عالمها يملأ الأرض علماً. اللّهم إنك أذقت أولها عذاباً فأذق آخرها نوالاً وذكر البيهقي في المدخل أنه ورد هذا الحديث من حديث علي وابن عباس، ورواه البزار من حديث العباس أيضاً مرفوعاً بلفظ: اللّهم فقه قريشاً في الدين وأذقهم من يومي هذا إلى آخر الدهر نوالاً فقد أذقتهم نكالاً. قال البزار: حديث حسن صحيح، وفي الباب عدي بن حاتم، رواه عنه الطبراني في حديث طويل. قال الهيثمي: السلوفي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات. [ص 106] 1461 - (اللّهم إني أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو استثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين فبقيت الواو ساكنة أي أستجير وأعتصم (بك من جار السوء) أي من شره (في دار المقامة) الإقامة فإنه هو الشر الدائم والأذى الملازم (فإن جار البادية يتحول) فمدته قصيرة يمكن تحملها فلا يعظم الضرر فيها، وفي رواية الطبراني جار السوء في دار الإقامة قاصمة الظهر وقد ينزل بسببه البلاء فيعم الصالح والطالح. قال الحرائي: والعوذ اللجأ من مخوف لكاف يكفيه. - (ك عن أبي هريرة) وقال صحيح فتبعه المصنف فرمز لصحته. 1462 - (اللّهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا) أي إذا أتوا بعمل يحسن قرنوه بالإخلاص فيترتب عليه الجزاء فيستحقون الجنة فيستبشرون بها كما قال - (ه هب عن عائشة) فيه علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه. 1463 - (اللّهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى) أي نهاية مقام الروح وهي الحضرة الواحدية فالمسؤول إلحاقه بالمحل الذي ليس بينه وبينه أحد في الاختصاص، والقول بأن المسؤول إلحاقه بالملائكة والملائكة الذين يسكنون أعلى عليين منع بأنه لو أراد الرفقاء بلفظ رفيق لقال الأعلين ليكون بمعنى الجماعة وبأن قدره فوق قدرهم ومحله من عليين فوق محلهم فكيف يسأل اللحوق بهم؟ نعم إن أراد به قال قائله محلهم الذي تحصل فيه مرافقتهم في الجملة ليكون يجمعهم على اختلاف درجاتهم وهو الجنة أو السماء فلا مانع. - (ق ت) من حديث عبد اللّه بن الزبير (عن عائشة) أنها أخبرته أنها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأصغت إليه وهو يقول اللّهم إلخ فهذا آخر ما تكلم به آخرية مطلقة وما عداه آخريته نسبية. 1464 - (اللّهم من ولى من أمر أمتي) أمة الإجابة ولا مانع من إرادة الأعم هنا (شيئاً) من الولاية كخلافة وسلطنة وقضاء وإمارة ونظارة ووصاية وغير ذلك، نكره مبالغة في الشيوع وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل فهو من المشقة التي هي الإضرار لا من الشقاق الذي هو الخلاف قال في العين: شق الأمر عليه مشقة أضر به (فأشقق عليه) أي أوقعه في المشقة جزاءاً وفاقاً (ومن ولى من أمر أمتي [ص 107] شيئاً فرفق بهم) أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة (فارفق بهم) أي افعل به ما فيه الرفق له مجازاة له بمثل فعله وهذا دعاء مجاب وقضيته لا يشك في حقيقتها عاقل ولا يرتاب فقلما ترى ذا ولاية عسف وجار وعامل عيال اللّه بالعتو والاستكبار وإلا كان آخر أمره الوبال وانعكاس الأحوال فإن لم يعاقب بذلك في الدنيا قصرت مدته وعجل بروحه إلى بئس المستقر سقر، ولهذا قالوا: الظلم لا يدوم وإن دام دمر، والعدل لا يدوم وإن دام عمر، وهذا كما ترى أبلغ زجر عن المشقة على الناس وأعظم حث على الرفق بهم، وقد تظاهرت على ذلك الآيات والأخبار. - (م) في المغازي (عن عائشة) ورواه عنها أيضاً النسائي في السير وسببه أن ابن شماسة دخل على عائشة فقالت ممن أنت؟ قال من مضر. قال كيف وجدتم ابن خديج في غزاتكم؟ قال خير الأمير. قالت إنه لا يمنعني قتله أخي أن أحدثكم ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سمعته يقول: فذكرته. قال في الأذكار: ظاهر الحديث جواز الدعاء على الظلمة ونحوهم وأشار الغزالي إلى تحريمه وجعله في معنى اللعن. اهـ. قال الحافظ: والأولى حمل كلام الغزالي على الأولى، وأما الأحاديث فتدل على الجواز. 1465 - (اللّهم إني أعوذ بك) قال الطيبي: استعاذ مما عصم منه ليلتزم خوف اللّه وإعظامه والافتقار إليه وليقتدى به وليبين صفة الدعاء، والباء للإلصاق المعنوي للتخصيص كأنه خص الرب بالاستعاذة، وقد جاء في الكتاب والسنة: أعوذ باللّه، ولم يسمع: باللّه أعوذ، لأن تقديم المعمول تفنن وانبساط، والاستعاذة حال خوف وقبض، بخلاف الحمد للّه وللّه الحمد لأنه حال شكر، وتذكير إحسان ونعم (من شر ما عملت) أي من شر عمل يحتاج فيه إلى العفو (ومن شر ما لم أعمل) أي بأن تحفظني منه في المستقبل، أو المراد شر عمل غيره - (م د ن ه) كلهم (عن عائشة) ولم يخرجه البخاري. 1466 - (اللّهم أعني على غمرات الموت) شدائده جمع غمرة وهي الشدة، وفي أصول صحيحة سكرات (أو) شك من الراوي، وفي نسخة بالواو (سكرات الموت) جمع سكرة بسكون الكاف وهي شدة الموت الذاهبة بالعقل، ذكره الزمخشري، وهي تزيد على الغمرات بزيادة الألم، وفي رواية لابن أبي الدنيا اللّهم إنك تأخذ الروح من بين العصب والأنامل، اللّهم أعني على الموت وهوّنه عليّ. وقال ابن عربي: السكر الضيق المانع من الإطلاق في التصرفات، فالمراد ضيق الموت وكربه. قال الراغب: والسكر حالة تعرض بين المرء وقلبه وأكثر ما يستعمل في الشراب وقد يعتري من الغضب والعشق والألم أي والأخير هو المراد هنا. قال القرطبي: تشديد الموت على الأنبياء تكميل لفضائلهم ورفع لدرجاتهم وليس نقصاً ولا عذاباً. - (ت ه ك) وكذا النسائي في يوم وليلة كلهم (عن عائشة) قالت رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالموت وعنده قدح ماء وهو يدخل يده فيه ثم يمسح وجهه ويقول ذلك، وقال ابن العربي: إن الباري بقدرته وحكمته يخفف إخراج الروح ويشدده بحسب حال العبد، فتارة يشدده عذاباً وذلك على الكافر وتارة كفارة وذلك على المذنب وتارة رفعة درجات وزيادة حسنات وذلك في الولي وتارة حجة على الخلق وتسلية وقدوة وأسوة كما لقي المصطفى صلى اللّه عليه وسلم منه. 1467 - (اللّهم زدنا) من خير الدارين: أي من العلوم والمعارف (ولا تنقصنا) أي لا تذهب منا شيئاً (وأكرمنا) بالتقوى (ولا تهنا) أصله تهوننا نقلت كسرة الواو للّهاء وحذفت الواو لسكونها وسكون النون الأولى وأدغمت [ص 108] الأولى في الثانية (وأعطنا ولا تحرمنا) قال القاضي والطيبي: عطف الأوامر على النواهي تأكيداً ومبالغة وتعميماً وحذف ثواني المفعولات في بعض الألفاظ إرادة لإجرائها مجرى: فلان يعطي ويمنع مبالغة (وآثرنا) بالمد اخترنا بعنايتك وإكرامك (ولا تؤثر) تختر (علينا) غيرنا فتعزه وتذلنا: يعني لا تغلب علينا أعداءنا (وأرضنا) بما قضيت لنا أو علينا بإعطاء الصبر والتحمل والقنع بما قسمت لنا من الرزق، وذلك أن اللّه دبر لعبده قبل أن يخلقه شأنه من الرزق والأحوال والآثار، وكل ذلك مقدر مؤقت يبرزه له في وقته كما قدَّره والعبد ذو شهوات وقد اعتادها وتخلق بها ودبر اللّه لعبده غير ما تخلق به من الشهوات فمرة سقم ومرة صحة ومرة غنى ومرة فقر وعسر وذل ومكروه ومحبوب، فأحوال الدنيا تتداوله لا ينفك عن قضائه والعبد يريد ما وافقه واشتهاه، وتدبير اللّه فيه غير ذلك، فإذا رزق العبد الرضا بالقضاء استقام قلبه فترك جميع إرادته لمشيئة اللّه ينتظر ما يبرز له من تدبيره في جميع أحواله فيتلقاه بانشراح قلب وطيب نفس فيصير راضياً مرضياً، والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم أعظم من رزق الرضا وليس للشهوات ولا للشيطان عليه سلطان وإنما ذكر ذلك على طريق الإرشاد والتعليم للأمة، وقال الطيبي: ويلوح من هذا الدعاء تباشير الإرادة والاستبشار والفوز بالمباغي ونيل الفلاح في الدنيا والعقبى. ولعمري إنه من جوامع الكلم (وارض عنا) بما نقيم من الطاعة القليلة التي في جهدنا. قال بعض الأكابر: من أيقن بحسن اختيار اللّه له لم يسره أن يكون على غير الحال التي هو عليها فكل راض مرضيّ عنه فاقتضت هذه السنة العلمية مضمون قوله تقدس - (ت ك) في الدعاء (عن عمر) بن الخطاب قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدويّ النحل فنزل عليه فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه فذكره. صححه الحاكم. 1468 - (اللّهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع) لذكر اللّه سبحانه ولا لاستماع كلامه وهو القلب القاسي الذي هو أبعد القلوب من حضرة علام الغيوب (ومن دعاء لا يسمع) أي لا يستجاب ولا يعتد به فكأنه غير مسموع (ومن نفس لا تشبع) من جمع المال أشراً وبطراً أو من كثرة الأكل الجالبة لكثرة الأبخرة الموجبة للنوم وكثرة الوساوس والخطرات النفسانية المؤدية إلى مضار الدنيا والآخرة (ومن علم لا ينفع) أي لا يعمل به أو لا يهذب الأخلاق الباطلة فيسري إلى الأفعال الظاهرة (أعوذ بك من هؤلاء الأربع) قال الطيبي: في كل من القرائن إشعار بأن وجوده مبني على غايته والغرض الغاية فإن تعلم العلم إنما هو للنفع به فإذا لم ينفعه لم يخلص كفافاً بل يكون وبالاً، وإن القلب إنما خلق ليخشع لبارئه فإذا لم يخشع كان قاسياً يستعاذ منه، - (ت ن عن ابن عمرو) بن العاص (د ن ه ك عن أبي هريرة ن عن أنس) قال الترمذي: حسن غريب وأخرج مسلم نحوه بأتم منه وأكثر فائدة فلو أثره المصنف لكان أحسن. 1469 - (اللّهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك) كالملائكة والأنبياء والأصفياء لأنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا إصلاح إلا بأن يكون اللّه أحب إليه مما سواه. قال ابن القيم: وهذا إشارة إلى أن من خصائص الإلهية العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما غاية الحب مع غاية الذل. واعلم أن كل حب لا يحكم على صاحبه بأن يصمه عن كل مسموع سوى كلام محبوبه ويعميه عن كل منظور سوى وجه محبوبه ويخرجه عن كل كلام إلا عن ذكر محبوبه وعن ذكر من يحب محبوبه ويختم على قلبه فلا يدخل سوى حب محبوبه ويرى قفله على خزانة خياله فلا يتخيل سوى صورة محبوبه أما عند رؤية تقدمته أو عن وصف ينشأ منه الخيال صورة فيكون كما قيل: خيالك في عيني وذكرك في فمي * ومثواك في قلبي فأين تغيب فيه يسمع وبه يبصر وله يتصور وبه يتكلم وله يكلم، فليس من الحب في شيء (اللّهم وما رزقتني مما أحب فأجعله قوة لي فيما تحب) لأصرفه فيه سأل اللّه تعالى أن يجعل ما رزقه من القوة والقوى الجسمانية والروحانية العلمية أو العملية مقوياً له على ما يرضيه (وما زويت عني) أي صرفت عني ونحيت عني. قال القاضي: أصل الزي والجمع والقبض (مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب) يعني اجعل ما نحيته عني من محابي عوناً على شغلي بمحابك وسبباً لفراغي لطاعتك ولا تشغل به قلبي فيشغلني عن عبادتك وذلك لأن الفراغ خلاف الشغل فإذا زوى عنه الدنيا ليتفرغ لحساب ربه كان ذلك الفراغ عوناً له على الاشتغال بطاعة اللّه وقد حرر اللّه أسرار نبينا كالأنبياء من رق الأغيار وصانهم بوجود عنايته من الركون إلى الأثار لا يحبون إلا إياه ولا يشغلون بسواه.
|